التفاوض كآلية لتسوية النزاعات الدولية: بين التدرج والشرعية

في ظل ما يشهده العالم من تصاعد مستمر في بؤر النزاع والتوترات المسلحة، أصبحت أدوات التسوية السلمية للنزاعات ضرورة ملحة، لا مجرد خيار دبلوماسي. ويبرز التفاوض في صدارة هذه الأدوات، بفضل مرونته، وإمكانية تكييفه مع تعقيدات العلاقات الدولية المعاصرة. من هذا المنطلق، يتناول هذا المقال إشكالية مركزية مفادها:

إلى أي حد يمكن اعتبار الحلول التفاوضية المرحلية آلية فعالة وشرعية لتسوية النزاعات المسلحة في إطار القانون الدولي؟

التفاوض في سياق الأزمات: من التقنية إلى البنية السياسية

لم يعد التفاوض مجرد وسيلة تقنية لحل الخلافات، بل أضحى أداة سياسية وقانونية تعكس موازين القوى، وتُختبر من خلالها الإرادات الدولية. ووفقًا للقانون الدولي، ولا سيما ميثاق الأمم المتحدة، فإن اللجوء إلى التفاوض يعتبر واجبًا قانونيًا على عاتق الدول عند نشوب نزاع يهدد الأمن والسلم الدوليين. غير أن التفاوض، في سياق الأزمات، يفرض تحديات معقدة تتعلق بالثقة، والضغوط الخارجية، ومحدودية الخيارات أمام الأطراف المتنازعة.

التفاوض المرحلي: تدرج واقعي أم تسوية ظرفية؟

أحد أبرز أشكال التفاوض الحديث يتمثل في النهج المرحلي، الذي يقوم على التوصل إلى اتفاقات مؤقتة أو جزئية، تمهيدًا لتسوية شاملة. ورغم ما يحققه هذا النموذج أحيانًا من تخفيف للعنف وبناء للثقة، فإنه يثير تساؤلات قانونية وسياسية، خصوصًا ما يتعلق بمدى احترامه للمبادئ الأساسية للقانون الدولي مثل عدم المساس بوحدة الشعوب وحقوق الإنسان.

من النظرية إلى التطبيق: دراسات حالة متباينة

لقياس فعالية هذا النوع من التفاوض، تناول البحث نماذج تطبيقية مختلفة. فـاتفاق دايتون، الذي أنهى حرب البوسنة والهرسك عام 1995، يعد نموذجًا ناجحًا للتفاوض المرحلي المدعوم بوساطة دولية وضغط سياسي متوازن. بالمقابل، فإن مفاوضات السلام في الشرق الأوسط تُعد نموذجًا للفشل الناتج عن غياب الإرادة السياسية، وخلل الاستراتيجية، وغياب التوازن الحقيقي بين الأطراف.

نحو دبلوماسية تفاوضية فعّالة

أكد البحث على أن نجاح أي عملية تفاوضية رهن بعدة عوامل، أبرزها:

• الالتزام بالشرعية الدولية ومبادئ القانون الدولي الإنساني؛

• توفّر الإرادة السياسية والمرونة الاستراتيجية؛

• توظيف الدبلوماسية الوقائية والوساطة الدولية؛

• التدرج في تقديم التنازلات، بما يحفظ مصالح الأطراف دون التفريط في المبادئ.

خاتمة

إن التفاوض المرحلي، رغم تحدياته، يمثل اليوم أحد أكثر الآليات واقعية في تسوية النزاعات المعقدة، بشرط أن يستند إلى قواعد قانونية واضحة، وأن يُدار بإرادة سياسية جادة، تؤمن بأن السلام ليس مجرد وقف مؤقت للنار، بل مسار لبناء مستقبل مشترك.

إعداد الطلبة:

• عبد الكريم

• يوسف البدراوي

• رجاء شعوان

• محمد العتمي

• زيد اللغميش الحداد

• ناصري

• نجوى الزياني

تحت إشراف:
الدكتور محمد الأمين لبقالي الطاهري
ماستر السياسة الدولية والدبلوماسية والرقمنة
وحدة: المفاوضات الدولية وتسوية النزاعات

تحميل البحث من هنا 

PDF